محمد أديب عبد الغني* – تقدير موقف محمد أديب عبد الغني* – تقدير موقف 2. مرحلة النزاع العسكري: يعتبر استخدام القوة العسكرية الأداة الأخيرة التي تلجأ إليها الدولة لتحقيق أهدافها وبعد استنفاذ استخدام الوسائل الدبلوماسية بسبب ارتفاع تكلفة الأداة العسكرية لتحقيق أي هدف تغييري. وتقسم هذه المرحلة إلى: ب- مرحلة استخدام القوة العسكرية: انتهجت أنقرة سياسة الرد بالمثل عند أي استهداف تتعرض له نقاط المراقبة التركية مطلع الشهر المنصرم حيث قصفت المدفعية التركية 46 هدف لقوات النظام السوري وقتلت 35 عنصر من قوات النظام رداً على استهداف نقطة المراقبة شرق إدلب ومقتل 4 جنود أتراك وإصابة تسعة أخرين ، تلى ذلك إسقاط عدد من طائرات النظام في إدلب وريف حلب الغربي ثم بدأت بدعم تركي عملية تحرير قرية النيرب ومدينة سراقب الاستراتيجية، وبعد مقتل 33 جندي من القوات التركية أعلنت تركيا عن انطلاق عملية " درع الربيع". ثالثاُ: السيناريوهات المتوقعة لنطاق العملية 2. استعادة جزء من منطقة خفض التصعيد: قد يحدث هذا السيناريو إذا ما استمرت روسيا في تقديم الدعم لقوات النظام أو اشتراك قوات روسية بشكل مباشر في العمليات العسكرية وهذا ما قد يدفع تركيا للتوافق مع روسيا على حدود جديدة لمنطقة خفض التصعيد ويرتبط هذا السيناريو بالموقف المحدود للناتو ورغبة أنقرة بوضع حد للتصعيد العسكري مع موسكو، ويعزز هذا السيناريو مجريات العمليات الميدانية فإلى الآن لم تشهد المواجهات بين تركيا والنظام تصعيداً خارج حدود غرب الطريق الدولي M5. 3. استعادة كامل منطقة خفض التصعيد الرابعة وبعض المناطق الأخرى: ويستند هذا السيناريو لما تروج له بعض المنصات الإعلامية عن رغبة تركيا في بسط سيطرتها على مدينة حلب استناداً لعوامل تاريخية وثقافية ومنطقة جبل التركمان في ريف اللاذقية استناداً لعوامل عرقية ويشترط تحقق هذا السيناريو دعم العمليات التركية من قبل الولايات المتحدة أو حلف الناتو رغبةً منهم بتقليص النفوذ الإيراني - خصوصاً بعد أن استهدفت القوات التركية مليشيات حزب الله في إدلب وضباط إيرانيين جنوب حلب مما يشير لإمكانية اشتراك أنقرة في أي عملية عسكرية ضد النفوذ الإيراني في سوريا - ويضاف إلى ذلك رغبة الولايات المتحدة في إعادة الروس لمسار جنيف للحل في سوريا. هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي مجموعة التفكير الاستراتيجي
المركز السوري سيرز
مقدمة
أعلنت تركيا في 2020
قراءة في الموقف التركي في إدلب
المركز السوري سيرز
مقدمة
أعلنت تركيا في 2020\3\1م عن انطلاق عملية "درع الربيع" في منطقة إدلب السورية بهدف استعادة المناطق التي سيطرت عليها قوات النظام السوري في الآونة الأخيرة، والتخفيف من حدة موجة اللجوء تجاه الحدود التركية التي تسببت بها هذه الحملة، وقد سبق إعلان انطلاق العملية ارتفاع حدة المواجهات بين الجيش التركي وقوات النظام، حيث سيطر الجيش الوطني السوري بدعم من أنقرة على مدينة سراقب الاستراتيجية وتمكن من قطع الطريقين الدوليينM4 وM5 تلى ذلك استهداف قوات النظام بتاريخ 27- فبراير- 2020 رتلاً من القوات التركية مما تسبب بمقتل عدد من الجنود الأتراك، والذي أدى بدوره إلى التسريع في بدأ العملية التركية.
تتضارب الآراء حول تفسير هذه العملية بين مشكّك في مصداقيتها وبين من يراها خطوة متأخرة، فكيف يمكن تفسير السلوك التركي في إدلب وأسباب إعلان انطلاق العملية في هذا التوقيت وماهو المدى المحتمل لنطاق العملية؟
أولاً: مراحل تصاعد الموقف التركي في إدلب
بدأ النفوذ التركي في إدلب بالانحسار لصالح قوات النظام السوري مدعوماً بالقوات الروسية مع بدأ الحملة العسكرية التي تسببت بحصار نقطة المراقبة التركية في مدينة مورك بتاريخ 2019\8\20، تبعها حصار عدة نقاط تركية" الصرمان- تل الطوقان- العيس- سراقب- شير مغار" وظهرت تركيا عاجزة عن الحفاظ على مناطق خفض التصعيد بوصفها ضامن في اتفاقية استانا وسوتشي، ويمكن تقسم المواقف التركي من هذه الأحداث إلى مرحلتين أساسيتين
1. مرحلة استخدام الأدوات الدبلوماسية: استخدمت تركيا هذه الأدوات بعد سيطرة النظام على منطقة ريف حماه وحصار نقطة المراقبة في مورك حيث عقدت تركيا مع روسيا عدة لقاءات بهدف تثبيت وقف إطلاق النار بين قوات المعارضة من جانب وقوات النظام السوري من جانب أخر نتج عنها الهدنة التي أعلنت عنها وزارة الدفاع التركية في 12 كانون الثاني (يناير) ،ولم تنجح هذه الهدنة في تحقيق أهدافها بسبب خرق قوات النظام المستمر لها، أصرت أنقرة على المحافظة على تواجد نقاطها على الرغم من حصار هذه النقاط وتعرضها للقصف عدة مرات، ويمكن تفسير سلوك تركيا في هذه المرحلة واقتصارها على الأدوات الدبلوماسية في رغبتها بالالتزام ببنود اتفاقية وقف التصعيد وتجنباً للتكلفة الباهظة التي يمكن أن تحدثها الأدوات العسكرية.
أ- مرحلة مراكمة القوة العسكرية والتهديد باستخدامها: بدأت هذه المرحلة بعد سيطرة قوات النظام السوري على منطقة معرة النعمان أواخر شهر يناير من العام الحال حيث ظهر الموقف التركي في هذه المرحلة أكثر حدة، وتجلى ذلك بدفع عدد كبير من القوات العسكرية إلى داخل الأراضي السورية و إنشاء عدد جديد من النقاط العسكرية خارج اتفاقية خفض التصعيد*، ترافق ذلك من تصريحات تركية باستخدام القوة لإعادة النظام السوري إلى خطوط خفض التصعيد مع عقد لقاءات جديدة مع المسؤولين الروس لحثهم على وقف العمليات العسكرية ومع سيطرة قوات النظام السوري على أرياف حلف الجنوبية والغربية زادت تركيا من وتيرة إرسالها للأرتال العسكرية ونصب منظومة دفاع جوي للتشويش على طائرات النظام وتزويد قوات المعارضة بصواريخ دفاع جوي محمولة على الكتف ونشر عدد من القوات التركية داخل بعض المدن ووضع القوات في مواجهة قوات النظام السوري.
ثانياً: التحديات التي تواجه عملية "درع الربيع"
بالرغم من إعلان تركيا عن انطلاق العملية إلا أن هناك عدد من التحديات التي يمكن أن تواجها وذلك بسبب غموض موقف حلف شمال الأطلسي " الناتو" الذي اكتفى بتقديم الدعم الإعلامي للعملية تارةً والتصريح بإمكانية المساعدة بتقديم المعلومات الاستخباراتية تارةً أخرى ، مقابل موقف روسي أكثر حزماً في دعم النظام السوري.
أعلنت تركيا عن هدف العملية المتمثل بتحقيق حالة الاستقرار في منطقة خفض التصعيد وإعادة قوات النظام إلى خلف خطوط نقاط المراقبة وحماية المدنيين في إدلب، يمكن لتركيا إيقاف العملية إذا ما استطاعت تحقيق هذه الأهداف من خلال الوسائل الدبلوماسية بالاتفاق مع الجانب الروسي بسبب ارتفاع تكلفة الوسائل العسكرية مقارنةً بالوسائل الدبلوماسية. يضاف إلى ذلك الأثر السلبي الكبير الذي يمكن أن يترتب على فشل العملية وامتداده إلى الدور التركي في الملف السوري إجمالاً.
1. استعادة كامل منطقة خفض التصعيد الرابعة في ظل الموقف الحالي للناتو: وهو أكثر السيناريوهات ترجيحاً ويمكن لهذا السيناريو أن يتحقق بفعل إصرار تركيا على تحقيق استعادة كاملة لمنطقة خفض التصعيد ويستند ذلك إلى التصريحات المتكررة للمسؤولين الأتراك وتلاحم الجبهة الداخلية لتركيا خلف هذا الموقف بعد مقتل 34جندي من الجيش التركي، وإمكانية حدوث أثر سلبي على الموقف الداخلي لحزب العدالة والتنمية في حال العجز عن تحقيق الهدف من العملية، أو بإمكانية التوصل لتفاهم تركي روسي يقضي بإنهاء وجود قوات النظام السوري في منطقة خفض التصعيد والحفاظ على المصالح الروسية مع تركيا والتي قد تتعدى تمسك موسكو بالوجود العسكري لقوات النظام داخل منطقة خفض التصعيد مع تخوف روسيا من خوضها حرب مباشرة مع تركيا في ظل الخسائر الفادحة لقوات النظام السوري.
أحدث إصدارات المركز السوري للعلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية
آخر الإصدارات
المشروع الفكري الحضاري
استطلاع رأي !
انضم لقائمتنا البريدية
تتضارب الآراء حول تفسير هذه العملية بين مشكّك في مصداقيتها وبين من يراها خطوة متأخرة، فكيف يمكن تفسير السلوك التركي في إدلب وأسباب إعلان انطلاق العملية في هذا التوقيت وماهو المدى المحتمل لنطاق العملية؟
أولاً: مراحل تصاعد الموقف التركي في إدلب
بدأ النفوذ التركي في إدلب بالانحسار لصالح قوات النظام السوري مدعوماً بالقوات الروسية مع بدأ الحملة العسكرية التي تسببت بحصار نقطة المراقبة التركية في مدينة مورك بتاريخ 2019، تبعها حصار عدة نقاط تركية" الصرمان- تل الطوقان- العيس- سراقب- شير مغار" وظهرت تركيا عاجزة عن الحفاظ على مناطق خفض التصعيد بوصفها ضامن في اتفاقية استانا وسوتشي، ويمكن تقسم المواقف التركي من هذه الأحداث إلى مرحلتين أساسيتين
1. مرحلة استخدام الأدوات الدبلوماسية: استخدمت تركيا هذه الأدوات بعد سيطرة النظام على منطقة ريف حماه وحصار نقطة المراقبة في مورك حيث عقدت تركيا مع روسيا عدة لقاءات بهدف تثبيت وقف إطلاق النار بين قوات المعارضة من جانب وقوات النظام السوري من جانب أخر نتج عنها الهدنة التي أعلنت عنها وزارة الدفاع التركية في 12 كانون الثاني (يناير) ،ولم تنجح هذه الهدنة في تحقيق أهدافها بسبب خرق قوات النظام المستمر لها، أصرت أنقرة على المحافظة على تواجد نقاطها على الرغم من حصار هذه النقاط وتعرضها للقصف عدة مرات، ويمكن تفسير سلوك تركيا في هذه المرحلة واقتصارها على الأدوات الدبلوماسية في رغبتها بالالتزام ببنود اتفاقية وقف التصعيد وتجنباً للتكلفة الباهظة التي يمكن أن تحدثها الأدوات العسكرية.
2. مرحلة النزاع العسكري: يعتبر استخدام القوة العسكرية الأداة الأخيرة التي تلجأ إليها الدولة لتحقيق أهدافها وبعد استنفاذ استخدام الوسائل الدبلوماسية بسبب ارتفاع تكلفة الأداة العسكرية لتحقيق أي هدف تغييري. وتقسم هذه المرحلة إلى:
أ- مرحلة مراكمة القوة العسكرية والتهديد باستخدامها: بدأت هذه المرحلة بعد سيطرة قوات النظام السوري على منطقة معرة النعمان أواخر شهر يناير من العام الحال حيث ظهر الموقف التركي في هذه المرحلة أكثر حدة، وتجلى ذلك بدفع عدد كبير من القوات العسكرية إلى داخل الأراضي السورية و إنشاء عدد جديد من النقاط العسكرية خارج اتفاقية خفض التصعيد*، ترافق ذلك من تصريحات تركية باستخدام القوة لإعادة النظام السوري إلى خطوط خفض التصعيد مع عقد لقاءات جديدة مع المسؤولين الروس لحثهم على وقف العمليات العسكرية ومع سيطرة قوات النظام السوري على أرياف حلف الجنوبية والغربية زادت تركيا من وتيرة إرسالها للأرتال العسكرية ونصب منظومة دفاع جوي للتشويش على طائرات النظام وتزويد قوات المعارضة بصواريخ دفاع جوي محمولة على الكتف ونشر عدد من القوات التركية داخل بعض المدن ووضع القوات في مواجهة قوات النظام السوري.
ب- مرحلة استخدام القوة العسكرية: انتهجت أنقرة سياسة الرد بالمثل عند أي استهداف تتعرض له نقاط المراقبة التركية مطلع الشهر المنصرم حيث قصفت المدفعية التركية 46 هدف لقوات النظام السوري وقتلت 35 عنصر من قوات النظام رداً على استهداف نقطة المراقبة شرق إدلب ومقتل 4 جنود أتراك وإصابة تسعة أخرين ، تلى ذلك إسقاط عدد من طائرات النظام في إدلب وريف حلب الغربي ثم بدأت بدعم تركي عملية تحرير قرية النيرب ومدينة سراقب الاستراتيجية، وبعد مقتل 33 جندي من القوات التركية أعلنت تركيا عن انطلاق عملية " درع الربيع".
ثانياً: التحديات التي تواجه عملية "درع الربيع"
بالرغم من إعلان تركيا عن انطلاق العملية إلا أن هناك عدد من التحديات التي يمكن أن تواجها وذلك بسبب غموض موقف حلف شمال الأطلسي " الناتو" الذي اكتفى بتقديم الدعم الإعلامي للعملية تارةً والتصريح بإمكانية المساعدة بتقديم المعلومات الاستخباراتية تارةً أخرى ، مقابل موقف روسي أكثر حزماً في دعم النظام السوري.
أعلنت تركيا عن هدف العملية المتمثل بتحقيق حالة الاستقرار في منطقة خفض التصعيد وإعادة قوات النظام إلى خلف خطوط نقاط المراقبة وحماية المدنيين في إدلب، يمكن لتركيا إيقاف العملية إذا ما استطاعت تحقيق هذه الأهداف من خلال الوسائل الدبلوماسية بالاتفاق مع الجانب الروسي بسبب ارتفاع تكلفة الوسائل العسكرية مقارنةً بالوسائل الدبلوماسية. يضاف إلى ذلك الأثر السلبي الكبير الذي يمكن أن يترتب على فشل العملية وامتداده إلى الدور التركي في الملف السوري إجمالاً.
ثالثاُ: السيناريوهات المتوقعة لنطاق العملية
1. استعادة كامل منطقة خفض التصعيد الرابعة في ظل الموقف الحالي للناتو: وهو أكثر السيناريوهات ترجيحاً ويمكن لهذا السيناريو أن يتحقق بفعل إصرار تركيا على تحقيق استعادة كاملة لمنطقة خفض التصعيد ويستند ذلك إلى التصريحات المتكررة للمسؤولين الأتراك وتلاحم الجبهة الداخلية لتركيا خلف هذا الموقف بعد مقتل 34جندي من الجيش التركي، وإمكانية حدوث أثر سلبي على الموقف الداخلي لحزب العدالة والتنمية في حال العجز عن تحقيق الهدف من العملية، أو بإمكانية التوصل لتفاهم تركي روسي يقضي بإنهاء وجود قوات النظام السوري في منطقة خفض التصعيد والحفاظ على المصالح الروسية مع تركيا والتي قد تتعدى تمسك موسكو بالوجود العسكري لقوات النظام داخل منطقة خفض التصعيد مع تخوف روسيا من خوضها حرب مباشرة مع تركيا في ظل الخسائر الفادحة لقوات النظام السوري.
2. استعادة جزء من منطقة خفض التصعيد: قد يحدث هذا السيناريو إذا ما استمرت روسيا في تقديم الدعم لقوات النظام أو اشتراك قوات روسية بشكل مباشر في العمليات العسكرية وهذا ما قد يدفع تركيا للتوافق مع روسيا على حدود جديدة لمنطقة خفض التصعيد ويرتبط هذا السيناريو بالموقف المحدود للناتو ورغبة أنقرة بوضع حد للتصعيد العسكري مع موسكو، ويعزز هذا السيناريو مجريات العمليات الميدانية فإلى الآن لم تشهد المواجهات بين تركيا والنظام تصعيداً خارج حدود غرب الطريق الدولي M5.
3. استعادة كامل منطقة خفض التصعيد الرابعة وبعض المناطق الأخرى: ويستند هذا السيناريو لما تروج له بعض المنصات الإعلامية عن رغبة تركيا في بسط سيطرتها على مدينة حلب استناداً لعوامل تاريخية وثقافية ومنطقة جبل التركمان في ريف اللاذقية استناداً لعوامل عرقية ويشترط تحقق هذا السيناريو دعم العمليات التركية من قبل الولايات المتحدة أو حلف الناتو رغبةً منهم بتقليص النفوذ الإيراني - خصوصاً بعد أن استهدفت القوات التركية مليشيات حزب الله في إدلب وضباط إيرانيين جنوب حلب مما يشير لإمكانية اشتراك أنقرة في أي عملية عسكرية ضد النفوذ الإيراني في سوريا - ويضاف إلى ذلك رغبة الولايات المتحدة في إعادة الروس لمسار جنيف للحل في سوريا.