القمة الإسلامية في ماليزيا الفكرة .. والأهداف .. والتطلعات

المحاور

  • كيف جاءت فكرة القمة؟
  • لماذا هناك حاجة لعقد قمة إسلامية؟
  • من هم القادة الذين سيحضرون القمة؟ ومتى ستنعقد؟
  • ما الهدف من عقد القمة هذه المرَّة؟
  • ما الحاجة لعقد قمة ماليزيا في وجود منظمات إسلامية قائمة؟
  • هل هي بديل لمنظمة المؤتمر الاسلامي؟

المشهد الاقليمي قبيل القمة

 

خلال العشر سنوات الماضية شهدت المنطقة تحالفات كثيرة ، تشكلت وتبلورت لأهداف عسكرية واقتصادية وسياسية وأمنية ، الكثير منها كان هدفه إعادة التموضع استراتيجيا فى المنطقة كالتحالفات التى دعت لها المملكة العربية السعودية لمحاربة الإرهاب ، وهناك تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي الذى دعت له أمريكا ويحمل مسمى ( ميسا)  لخدمة الأهداف الأميركية في المنطقة، وهي استهداف إيران وتقليص الوجود الإقليمي الأميركي من دون السماح للصين أو روسيا بحصد النفوذ، والكثير من هذه التحالفات كان شكليا أعلن من طرف واحد وأخبر بعض أطرافه أنهم شركاء فيه عبر وسائل الإعلام ، والبعض حقق نجاحات جزئية ، والبعض الآخر ولد ميتا وفشل وتوارى وكان من قبيل "البروباغندا" الاعلامية ، لكن الذى لاشك فيه أن العالم يتفكك ويتكتل حسب مصالحة الاستراتيجية فهناك الاتحاد الأوروبي يشهد وقائع انفراط حبة من حبات عقده وهي خروج بريطانيا الوشيك منه، والذى لاشك فيه كذلك أن العالم الإسلامي يحتاج إلى بنية إقليمية للأمن الاقتصادي والسياسى والاستراتيجي تضمن له بقاءه في ظل المتغيرات الدولية المتسارعة وفى ظل تكالب القوى الدولية لتوسيع نفوذها فى منطقة الشرق الأوسط وسط حالة من السيولة والتصدع التي تشهدها بعض منظوماته الاقليمية كما يحدث حاليا فى منظومة مجلس التعاون الخليجي بفعل الأزمة الخليجية التي دخلت عامها الثالث ، والموت السريرى الذى تعانيه جامعة الدول العربية منذ سنوات طويلة .

كذلك هو حال القمم الكثيرة التى شهدتها المنطقة خلال السنوات الماضية لدرجة أن بعضها سرعان ما تتلاشى لقصر زمنها وانعدام تأثيرها ، حتى أنها لاتساوى الحبر الذى كتب به بيانها الختامي ، وعلى صعيد آخر نجد أن اللاعبين الرئيسين بالمنطقة يتجاذبون مواضع النفوذ ، هناك أمريكا وروسيا والصين وإيران وتركيا وإسرائيل ، والبقية حلفاء فوق وتحت الطاولة كل حسب مصالحه ، ووسط هذا المشهد الاقليمي المهترئ والمتداعي دعت ماليزيا لعقد قمة إسلامية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ، في أثناء لقاء رئيس الوزراء مهاتير محمد مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس وزراء باكستان عمران خان.

وقال مهاتير إن أبرز القضايا التي تواجه المسلمين بشكل عام حالياً، «طرد المسلمين من أوطانهم، وتصنيف الإسلام كدين إرهاب»، مؤكداً أن غالبية الدول الإسلامية ليست دولاً متطورة، وأن بعضها أصبحت «دولاً فاشلة».

وفى هذه الورقة البحثية نستعرض ملابسات هذه القمة المرتقبة ، ونجيب عن العديد من التساؤلات المثارة بشأنها والتى أشرنا لها فى المحاور سالفة الذكر ، فإلى التفاصيل :  

التساؤلات المثارة ؟

 

-        تشهد العاصمة الماليزية كوالالمبور هذا الشهر (ديسمبر/كانون الأول)2019 ، قمة إسلاميةً عنوانها «دور التنمية في تحقيق السيادة الوطنية»، كيف جاءت فكرة القمة؟ ولماذا هناك حاجة لعقد قمة إسلامية؟ من هم القادة الذين سيحضرون القمة؟ ومتى ستنعقد؟ وما الهدف من عقد القمة هذه المرَّة؟ وما الحاجة لعقد قمة ماليزيا في وجود منظمات إسلامية قائمة؟ و هل هي بديل لمنظمة المؤتمر الاسلامي؟

كيف جاءت فكرة القمة؟

 

-        بحسب وكالة الأنباء الماليزية «بيرناما»، جاءت فكرة عقد القمة الإسلامية، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، في أثناء لقاء رئيس الوزراء مهاتير محمد مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس وزراء باكستان عمران خان.

-        وستنعقد القمة الإسلامية بكوالالمبور في الفترة من 18-21 ديسمبر/كانون الأول الجاري، بمشاركة ست دول إسلامية: ماليزيا وتركيا وباكستان وإندونيسيا وإيران وقطر.

ليست القمة الأولى

 

-         ليست هي القمة الأولى التي تجتمع هذه الدول فيها. بل إنها ستكون الخامسة بعد  أربع قمم خلت قبلها.

-        كانت القمة الأولى قد بدأت عام ٢٠١٤ بدعوة من مهاتير محمد، حينها لم يكن رئيسًا للوزراء، وقد تمكن من إطلاقها بحضور مفكرين مسلمين حول العالم، بهدف إنتاج منظومة فكرية سياسية إسلامية جديدة، ومن ثمّ تهيئتها وتطويرها.

-         ثم جاءت القمة الثانية وكلا أول قمتين تم عقدهما في كوالالمبور، ثم الثالثة في الخرطوم، تلتها الرابعة في إسطنبول والتي اشترك فيها مهاتير محمد عبر الفيديو من ماليزيا بسبب انشغاله في الحملة الانتخابية لرئاسة الوزراء.

-        تعقد كل قمة تحت عنوان رئيسي، يجتمع تحت سقفه أكثر الأسماء تأثيرًا من المفكرين والمثقفين في العالم الإسلامي، بهدف مناقشة المشاكل والأزمات والمساهمة على الصعيد الفكري في إنشاء المستقبل القادم.

-       

لماذا هناك حاجة لعقد قمة إسلامية؟

حملت القمة الأولى اسم "الدولة المدنية"، والثانية "دور الحرية والديمقراطية في تحقيق الاستقرار والتنمية"، والثالثة "الحكم الرشيد"، والرابعة "الانتقال الديمقراطي"، أما الخامسة وهي الجديدة والتي ستعقد في كوالالمبور، فإنها تنطلق تحت عنوان "دور التنمية في الوصول إلى السيادة الوطنية".

-        قال رئيس الوزراء مهاتير محمد إن أبرز القضايا التي تواجه المسلمين بشكل عام حالياً، هي : «طرد المسلمين من أوطانهم، وتصنيف الإسلام كدين إرهاب»، مؤكداً أن غالبية الدول الإسلامية ليست دولاً متطورة، وأن بعضها أصبحت «دولاً فاشلة».

-        والسؤال لماذا توجد كل هذه المشاكل ؟ الإجابة على لسان الدكتور مهاتير: «لماذا توجد هذه المشاكل؟ لا بد من وجود سبب لها، ولا يمكن أن نحدد السبب إلا بجلوس المفكرين والعلماء والقادة، للنقاش وتسجيل الملاحظات والآراء. وأضاف : "ربما يمكننا اتخاذ هذه الخطوة الأولى، كي نساعد المسلمين على استعادة أمجادهم الماضية، أو على الأقل نساعدهم على تجنُّب الإذلال والاضطهاد الذي نراه حول العالم هذه الأيام".

-        وفي هذا الإطار تأتي مواقفه وتصريحاته من قضايا مثل ما يتعرض له مسلمو الروهينغا في ميانمار، ومعاملة الهند للمسلمين بكشمير، إضافة إلى موقفه من الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، وكان موقفه بالأمم المتحدة في اجتماعات سبتمبر/أيلول الماضي2019 ، لافتاً عندما أخبر قادة العالم من على منصة الأمم المتحدة بأن الهند " قامت بغزو واحتلال كشمير" .

-        منذ عودته إلى منصب رئيس الوزراء العام الماضي، بعد فوزه في الانتخابات العامة، أكثر مهاتير البالغ من العمر 94 عاماً، من انتقاداته لإسرائيل، لاحتلالها الأراضي الفلسطينية وممارساتها ضد الفلسطينيين،وهو رافض للاعتراف بإسرائيل قبل حصول الفلسطينيين على حقهم في إقامة دولتهم المستقلة.

-        جدير بالذكر أن الأسبوع الماضي، انتقد مهاتير قرار الولايات المتحدة اعتبار المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس المحتلة قانونياً، عكس القرارات الدولية والسياسة الأمريكية ذاتها على مدى العقود الطويلة منذ قيام دولة إسرائيل.

من هم القادة الذين سيشاركون  ؟

 

-        سيشارك في القمة 450 شخصية إسلامية بين قادة سياسيين ومفكرين وعلماء دين، للتناقش وإعطاء آرائهم وأفكارهم حول أنسب الحلول لمواجهة مشكلات المسلمين حول العالم.

-       

ما الهدف من عقد القمة هذه المرَّة؟

وفقا لما تم إعلانه ؛ الوفد التركي يرأسه أردوغان، ومن دولة قطر سيحضر الشيخ تميم بن حمد، ورئيس وزراء باكستان عمران خان، والرئيس الإيراني حسن روحاني، ونائب الرئيس الإندونيسي، إضافة إلى المضيف مهاتير محمد.

-         بحسب الموقع الرسمي للقمة، تتخذ «دور التنمية في تحقيق السيادة الوطنية» عنواناً لها، والهدف من انعقادها هذه المرَّة هو » النقاش والبحث عن حلول عملية، لمواجهة المشاكل التي تواجه العالم الإسلامي والمسلمين حول العالم».

-        وتعتبر قمة كوالالمبور هي الثانية بعد قمة نوفمبر/تشرين الثاني عام 2014، والتي شارك فيها عدد كبير من المفكرين والعلماء من العالم الإسلامي، ووضعوا أفكاراً وحلولاً للمشاكل التي تواجه المسلمين، ولهذا تأتي مشاركة القادة هذه المرَّة، للاتفاق على آلية لتنفيذ الأفكار والحلول التي يتم التوصل إليها.

-        ولا شك في أنَّ تجمُّع القادة والمفكرين والعلماء بهدف النقاش ومحاولة وضع حلول قابلة للتنفيذ على أرض الواقع لمشاكل المسلمين- أمر ضروري وبداية لا بد منها حتى يمكن تثبيت أرضية مشتركة تمثل أساساً صلباً يمكن البناء عليه لتقليل التركيز على نقاط الخلاف.

ما الحاجة لعقد قمة ماليزيا في وجود منظمات إسلامية قائمة؟

 

-        تم توجيه السؤال إلى الدكتور مهاتير محمد، على أساس وجود مؤسسات قائمة بالفعل مثل منظمة التعاون الإسلامي وحركة عدم الانحياز ومؤسسة أمم جنوب شرقي آسيا (آسيان)، وكان ردُّه أنه «يؤمن بالبدايات الصغيرة«.

-        "تواجه كثير من الدول الإسلامية مشكلات تشغلها وتكرّس وقتها للتعامل معها، ولكن (ماليزيا وتركيا وباكستان) إضافة إلى قطر وإندونيسيا، على ما أعتقد، يمكنها أن توفر الوقت اللازم للتعامل مع هذه القضايا المهمة جداً (التي تواجه المسلمين بشكل عام)" .

-        وفي ظل المشكلات التي يعانيها المسلمون حول العالم، تأتي الحاجة الملحَّة لإيجاد آلية فعالة لتنظيم التواصل بين قادة الدول الإسلامية، لتنسيق المواقف في القضايا التي تهم المسلمين بشكل عام، بهدف تشكيل موقف موحد يحافظ على حقوق المسلمين، كما أن هناك حاجة ملحَّة لإشراك المفكرين والعلماء في آلية فعالة تُمكِّنهم من المشاركة بعلمهم وأفكارهم في وضع حلول يمكن تحقيقها على

قمة كوالالمبور: هل هي بديل لمنظمة المؤتمر الاسلامي؟

أرض الواقع.

-        قمة كوالالمبور ليست لديها نية أن تطرح نفسها بديلا، عن المنظمات والكيانات المتخم بها العالم الإسلامي ، لقد أشار مهاتير محمد إلى أن ٤٥٠ من القادة والمفكرين والمثقفين في العالم الإسلامي، سيشاركون في القمة، كما أكد أن القمة المصغرة لا تعتبر بديلًا عن منظمات دولية، مثل منظمة المؤتمر الإسلامي، وأردف قائلًا "هذه القمة، هي مبادرة صغيرة، فمنظمة المؤتمر الإسلامي منظمة كبيرة للغاية، وبإمكاننا ضم بقية الدول الأعضاء فيها، إلى قممنا مستقبلًا".

-        القمة إذن نشاط نفى عن نفسه أن يكون بديلًا منذ بداية طريقه، لكنها لسد ما تعجز عنه منظمة المؤتمر الإسلامي .

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي مجموعة التفكير الاستراتيجي

قيم الموضوع
(0 أصوات)
Go to top